على خلفية مقال القدس العربي عن الوضع المتردي لآل البيت في الجزائر
''الفجر'' تثير موضوع ''أشراف الجزائر'' بين الوجود والجحود
2009.09.05
يهدف هذا الملف الذي تفتحه ''الفجر'' لأول مرة، للإجابة على مجموعة من الأسئلة.. مثل هل ''الأشراف'' في الجزائر حقيقة مؤكدة علميا وتاريخيا، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون خرافة واعتقادات شعبية غير مؤسسة، ليس لها وجود إلا في أذهان كثير من الناس ممن يدّعون الشرف في الكثير من مناطق البلاد، ودليلهم هو''شجرات نسب'' مكتوبة على ورق قديم؟··
أحمد عبدالكريم
وإذا كان وجودهم حقيقة، فلماذا لا يتحدث عنهم أحد في الخطاب الإعلامي أوالرسمي، في الوقت الذي يتحدث فيه عن قضايا عشائرية وجهوية، أو عروشية ضيقة، ويتحدث عن الزوايا والطرق؟ هل لأن الحديث عن النسب في زمن العولمة أمر متجاوز؟ أم هو الخوف من الخطاب السلفي الذي لا يقبل بهذا النوع من الأفكار؟ أم أنها الخشية من إثارة فكرة تقوم على أساس عرقي حتى وإن تعلق الأمر بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، قد تكون مبررا للتعالي والتفاخر وترك العمل اتكالا على النسب الذي لا يعفي من المسؤولية أمام الله وأمام البشر؟··
ثم لماذا فشل الأشراف في تنظيم أنفسهم في نقابة مثل أشراف الدول الأخرى، تساعدهم على التعبير عن آرائهم والمساهمة في الحياة العامة اجتماعيا وسياسيا·· قد لا يجد القارئ إجابة في هذا الملف، لأن المهم بالنسبة لنا هو التنبه وطرح الأسئلة وللقارئ أن يبحث عن الحقيقة بطريقته الخاصة··
دفاعا عن آل البيت في الجزائر
نشرت جريدة ''القدس العربي'' الأسبوع الماضي الأربعاء 26 أوت 2009 ، مقالا بعنوان ''آل البيت في الجزائر بين حال النطيحة والمتردية وما أكل النظام'' أثار فيه الكاتب إسماعيل القاسمي الحسني موضوع '' أهل البيت في الجزائر''، منطلقا من أنهم حقيقة قائمة، ولهم وجود ، غير أنه ومنذ الاستقلال لا أحد من الكتاب والمفكرين أو السياسيين من لفت الانتباه إلى أوضاعهم، وكأنهم لا وجود لهم أوأنهم يتمتعون بكامل حقوقهم المقررة لهم شرعا ،'' لأن الإسلام يفرض على أتباعه احترام أهل البيت، ومعاملتهم بما يليق برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى حقوقهم الشرعية من بيت مال المسلمين، والمحددة نصا في القرآن الكريم''·
وقد أكد الكاتب في بداية مقاله بأنه ليس صحيحا على الإطلاق أن إثارة موضوع أهل البيت في الجزائر، دعوة لإثارة الفتنة أو تهجم على طرف ما، بل المراد تشريح واقع حال·· غير أن الكاتب توقع أن موضوع أهل البيت في الجزائر سيثير كثيرا من اللغط والجدل، لأنه عادة ما يُربط بالشيعة وإيران، وكأن أهل السنة لا يمكنهم تناول هذا الموضوع، وهذا حكم غير موضوعي بحسب الكاتب، لأننا إذا عدنا إلى الأئمة الأربعة، أصحاب المذاهب السنية، نجد أن مواقفهم موثقة في كتبهم وسيرهم تترجم حقوق أهل البيت الشرعية على سائر الأمة·
وقد عاد الكاتب إلى التاريخ كي يؤكد على الأيادي البيضاء لآل البيت على الجزائر ومساهماتهم الجليلة في خدمة الوطن، وذكر من بين الأمثلة الأمير عبدالقادر الجزائري، الذي كان انتسابه لبيت النبوة وأهل البيت واحدا من بين أسباب مبايعته، بالإضافة إلى عبقريته العلمية والعسكرية· وقد كان يحظى في منفاه بمعاملة تليق بمكانته كما تليق بأهل البيت·
كما ذكر مثالا آخر هو محمد بن أبي القاسم، مؤسس الزاوية المعروفة بالهامل، كما كانت لهم مساهمات أخرى في المقاومات الشعبية ضد المحتل الفرنسي مثل الأمير عبدالقادر و المقراني وغيرهما، كما ساهمت هذه الفئة في ثورة التحرير ·
ليصل الكاتب في نهاية مقاله إلى تشخيص الحال المتردية لأهل البيت في الجزائر، حيث يرى أنها ''وصمة عار في جبين الشعب والنظام على حد سواء''، لأن النظام لا يقيم لهم وزنا على الإطلاق، وليست لهم نقابة ترعى شؤونهم وتعرض قضاياهم أمام السلطة، كما أنهم يعيشون التهميش واللامبالاة، والفقر في ظل أوضاع مزرية، وهم الذين حُرّم عليهم قبول الصدقة وأموال الزكاة، بل أكثر من ذلك فقد تعرضوا في فترة من الفترات لمصادرة أراضيهم الفلاحية وعقاراتهم. أما على مستوى الشعب، فقد كان للحملات الإعلامية التي مست شخصيات من آل البيت في السبعينيات والتشهير بها، أثر بالغ في اهتزاز صورتهم وسقوط مكانتهم، أدت إلى سحب سلطتهم المعنوية، حيث صاروا موضع ازدراء واحتقار··
الأشراف بين شجرة النسب والبصمة الوراثية
تعددت تسميات الأشراف حسب المكان والزمان، فهناك من يسميهم آل البيت، أو أهل البيت، وهناك من يسميهم السادة الأشراف، وهناك من يسميهم الشرفاء، أو ذرية سيدنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم من ينتسبون إلى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء ابنة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم·
لقب الشريف يشمل أيضاً منذ عهد الدولة العباسية الهاشميين جميعاً، وهم آل العباس وآل علي وآل عقيل وآل جعفر، وينتشر الأشراف في معظم بلدان العالم الإسلامي وخاصة بمصر والسعودية والعراق وإيران، ويكون لهم في العادة بكل بلد نقابة تتزعمهم وتهتم بتوثيق أنسابهم ومشجراتهم··
في الحجاز على وجه الخصوص، يطلق اللقب على ذرية الحسن بن علي دون الحسين، بينما تلقّب ذرية الحسين بلقب السادة، و في بعض البلدان الأخرى يطلق لقب السادة على الفئتين· وقد كانت أسر من الأشراف و السادة تحكم الحجاز منذ أواخر العصر العباسي وحتى العهد السعودي بالنيابة عن دول إسلامية أخرى· و من الأشراف الآن الأسرتان الحاكمتان في كل من الأردن والمملكة المغربية··
أما عند الشيعة فإن أهل البيت هم علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين، وباقي الأئمة الإثنا عشر المعصومين لدى الإثنا عشرية، وفي كتبهم الكثير من الأحاديث التي تثبت هذا. وترجع أهمية أهل البيت عند الشيعة أن فيهم الأئمة المعصومون الذين هم الحكام المختارون من الله لقيادة المسلمين بعد وفاة النبي، كما أن محبتهم واجبة والحزن لأحزانهم واجب، ولعن أعدائهم كذلك، لهذا يرفض الإثنا عشرية دخول أي شخص آخر في أهل البيت·
تعتمد نقابات الأشراف ضمن قوانينها، على أن يثبت المنتسب إليها شرفه عن طريق نسبه الذي يصله إلى أحد آل بيت رسول الله، بالاعتماد على وثائق وشهادات موثوقة، أهمما المشجرات العائلية. وقد قرأنا في شبكة الأنترنت عن مشروع الباحث كمال القزاح الذي يهدف إلى تجميع البصمة الوراثية للسادة الأشراف ثم بعد ذلك القيام بمقارنات، ومن ثمة استخلاص البصمة الوراثية للسادة الأشراف· لكن ذلك يبقى صعبا من الناحية العملية، فضلا عما سيثيره من إشكالات من نواحي أخرى·
أشراف الجزائر بلا نقابة
كان للأشراف في الجزائر في العهد العثماني نقابة، تقوم برعاية شؤونهم والتكفل بحل مشاكلهم، بفضل المعاملة الخاصة التي كانت تحظى بها من طرف الخليفة، وكانت تقوم بدور اجتماعي في تماسك المجتمع وإصلاح ذات البين··
أما اليوم فإن الأشراف في الجزائر لا يملكون نقابة تضمهم، باستثناء خبر على شبكة الأنترنت في أحد المنتديات، عن الجمعية الوطنية للأشراف في الجزائر التي قدمت ملف اعتمادها لوزارة الداخلية عام 2007 ، وتهدف إلى إصلاح ذات البين وأهداف اجتماعية أخرى، وقد حدد مقرها ببلدية سيدي بوزيد بولاية الأغواط، ولا نعلم إن كانت هذه الجمعية معتمدة بالفعل أم لا··
على العكس من كثير من الدول العربية والإسلامية التي توجد بها نقابات للأشراف، مثل مصر التي توجد بها نقابة ''السادة الأشراف'' تعتمد على تنظيم محكم، ولها فروع في معظم محافظات الجمهورية. وفي المغرب نجد أيضا هذه النقابات، ومنها ''ديوان الأشراف الأدارسة'' وغيرها من التسميات··
والمتصفح لشبكة الأنترنت يجد الكثير من المنتديات التي تفسح المجال لمناقشة الموضوع، وعلى الفايس بوك نجد الكثير من المجموعات تضم المنتسبين إلى هذه الفئة، مثل مجموعة ''الأشراف'' أو مجموعة ''السادة الأشراف''··
مواطنون ولكن شرفاء
كانت الرسومات المسيئة، سببا في زيادة تعلق المسلمين بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وراحت جميع الفئات يعبرون عن حبهم له قولا وعملا ، وبشتى الطرق الممكنة. وقد كان من ضمنها التعلق بكل ما يتصل به مثل آل بيته والمنتسبين إليه، وهو ما خلق حركية في هذا الإطار شهدها كل العالم كما شهدتها الجزائر··
لكن فكرة الانتساب إلى الأشراف كانت قبل ذلك قد ارتبطت أكثر بالعاطفة الدينية والمعتقد الشعبي البسيط، ولم تتجسد في دراسات تناولتها من الناحية التاريخية أو الاجتماعية· و لذلك فقد ظل الحديث عنها محتشما وهامشيا، ولم يحدث أن أثير نقاش علني جدي على الصعيد الإعلامي لمناقشة القضية بعقلانية وجدية بعيدا عن أي تعصب أو غلو··
ولعل من الأسباب التي ساعدت على عدم الاهتمام بالأشراف خلال فترة السبعينيات، الأفكار الاشتراكية التي سادت فيها وما اتصل بها من مد شيوعي وأفكار علمانية·
والواضح أيضا أن النسب الشريف ارتبط بالزوايا والطرق الصوفية والأوساط المرتبطة بها، والتي كان لها تأثير كبير في انتشار فكرة الشرف· ورغم إعادة الاعتبار للزوايا فإن الحديث عن أشراف الجزائر مازال غائبا، وقد يرجع السبب إلى أن فكرة الشرف لم يعد لها فائدة في ظل تطور المجتمع الذي يقوم على المواطنة ويتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات، كما أن الوعي الديني أدى إلى أن يصبح شرف النسب دون قيمة، ولا يغني شيئا أمام شرف العمل·
عن جريدة الفجر الجزائرية 09 05 2009
''الفجر'' تثير موضوع ''أشراف الجزائر'' بين الوجود والجحود
2009.09.05
يهدف هذا الملف الذي تفتحه ''الفجر'' لأول مرة، للإجابة على مجموعة من الأسئلة.. مثل هل ''الأشراف'' في الجزائر حقيقة مؤكدة علميا وتاريخيا، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون خرافة واعتقادات شعبية غير مؤسسة، ليس لها وجود إلا في أذهان كثير من الناس ممن يدّعون الشرف في الكثير من مناطق البلاد، ودليلهم هو''شجرات نسب'' مكتوبة على ورق قديم؟··
أحمد عبدالكريم
وإذا كان وجودهم حقيقة، فلماذا لا يتحدث عنهم أحد في الخطاب الإعلامي أوالرسمي، في الوقت الذي يتحدث فيه عن قضايا عشائرية وجهوية، أو عروشية ضيقة، ويتحدث عن الزوايا والطرق؟ هل لأن الحديث عن النسب في زمن العولمة أمر متجاوز؟ أم هو الخوف من الخطاب السلفي الذي لا يقبل بهذا النوع من الأفكار؟ أم أنها الخشية من إثارة فكرة تقوم على أساس عرقي حتى وإن تعلق الأمر بالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، قد تكون مبررا للتعالي والتفاخر وترك العمل اتكالا على النسب الذي لا يعفي من المسؤولية أمام الله وأمام البشر؟··
ثم لماذا فشل الأشراف في تنظيم أنفسهم في نقابة مثل أشراف الدول الأخرى، تساعدهم على التعبير عن آرائهم والمساهمة في الحياة العامة اجتماعيا وسياسيا·· قد لا يجد القارئ إجابة في هذا الملف، لأن المهم بالنسبة لنا هو التنبه وطرح الأسئلة وللقارئ أن يبحث عن الحقيقة بطريقته الخاصة··
دفاعا عن آل البيت في الجزائر
نشرت جريدة ''القدس العربي'' الأسبوع الماضي الأربعاء 26 أوت 2009 ، مقالا بعنوان ''آل البيت في الجزائر بين حال النطيحة والمتردية وما أكل النظام'' أثار فيه الكاتب إسماعيل القاسمي الحسني موضوع '' أهل البيت في الجزائر''، منطلقا من أنهم حقيقة قائمة، ولهم وجود ، غير أنه ومنذ الاستقلال لا أحد من الكتاب والمفكرين أو السياسيين من لفت الانتباه إلى أوضاعهم، وكأنهم لا وجود لهم أوأنهم يتمتعون بكامل حقوقهم المقررة لهم شرعا ،'' لأن الإسلام يفرض على أتباعه احترام أهل البيت، ومعاملتهم بما يليق برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى حقوقهم الشرعية من بيت مال المسلمين، والمحددة نصا في القرآن الكريم''·
وقد أكد الكاتب في بداية مقاله بأنه ليس صحيحا على الإطلاق أن إثارة موضوع أهل البيت في الجزائر، دعوة لإثارة الفتنة أو تهجم على طرف ما، بل المراد تشريح واقع حال·· غير أن الكاتب توقع أن موضوع أهل البيت في الجزائر سيثير كثيرا من اللغط والجدل، لأنه عادة ما يُربط بالشيعة وإيران، وكأن أهل السنة لا يمكنهم تناول هذا الموضوع، وهذا حكم غير موضوعي بحسب الكاتب، لأننا إذا عدنا إلى الأئمة الأربعة، أصحاب المذاهب السنية، نجد أن مواقفهم موثقة في كتبهم وسيرهم تترجم حقوق أهل البيت الشرعية على سائر الأمة·
وقد عاد الكاتب إلى التاريخ كي يؤكد على الأيادي البيضاء لآل البيت على الجزائر ومساهماتهم الجليلة في خدمة الوطن، وذكر من بين الأمثلة الأمير عبدالقادر الجزائري، الذي كان انتسابه لبيت النبوة وأهل البيت واحدا من بين أسباب مبايعته، بالإضافة إلى عبقريته العلمية والعسكرية· وقد كان يحظى في منفاه بمعاملة تليق بمكانته كما تليق بأهل البيت·
كما ذكر مثالا آخر هو محمد بن أبي القاسم، مؤسس الزاوية المعروفة بالهامل، كما كانت لهم مساهمات أخرى في المقاومات الشعبية ضد المحتل الفرنسي مثل الأمير عبدالقادر و المقراني وغيرهما، كما ساهمت هذه الفئة في ثورة التحرير ·
ليصل الكاتب في نهاية مقاله إلى تشخيص الحال المتردية لأهل البيت في الجزائر، حيث يرى أنها ''وصمة عار في جبين الشعب والنظام على حد سواء''، لأن النظام لا يقيم لهم وزنا على الإطلاق، وليست لهم نقابة ترعى شؤونهم وتعرض قضاياهم أمام السلطة، كما أنهم يعيشون التهميش واللامبالاة، والفقر في ظل أوضاع مزرية، وهم الذين حُرّم عليهم قبول الصدقة وأموال الزكاة، بل أكثر من ذلك فقد تعرضوا في فترة من الفترات لمصادرة أراضيهم الفلاحية وعقاراتهم. أما على مستوى الشعب، فقد كان للحملات الإعلامية التي مست شخصيات من آل البيت في السبعينيات والتشهير بها، أثر بالغ في اهتزاز صورتهم وسقوط مكانتهم، أدت إلى سحب سلطتهم المعنوية، حيث صاروا موضع ازدراء واحتقار··
الأشراف بين شجرة النسب والبصمة الوراثية
تعددت تسميات الأشراف حسب المكان والزمان، فهناك من يسميهم آل البيت، أو أهل البيت، وهناك من يسميهم السادة الأشراف، وهناك من يسميهم الشرفاء، أو ذرية سيدنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم من ينتسبون إلى آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب و فاطمة الزهراء ابنة سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم·
لقب الشريف يشمل أيضاً منذ عهد الدولة العباسية الهاشميين جميعاً، وهم آل العباس وآل علي وآل عقيل وآل جعفر، وينتشر الأشراف في معظم بلدان العالم الإسلامي وخاصة بمصر والسعودية والعراق وإيران، ويكون لهم في العادة بكل بلد نقابة تتزعمهم وتهتم بتوثيق أنسابهم ومشجراتهم··
في الحجاز على وجه الخصوص، يطلق اللقب على ذرية الحسن بن علي دون الحسين، بينما تلقّب ذرية الحسين بلقب السادة، و في بعض البلدان الأخرى يطلق لقب السادة على الفئتين· وقد كانت أسر من الأشراف و السادة تحكم الحجاز منذ أواخر العصر العباسي وحتى العهد السعودي بالنيابة عن دول إسلامية أخرى· و من الأشراف الآن الأسرتان الحاكمتان في كل من الأردن والمملكة المغربية··
أما عند الشيعة فإن أهل البيت هم علي بن أبي طالب وفاطمة الزهراء والحسن والحسين، وباقي الأئمة الإثنا عشر المعصومين لدى الإثنا عشرية، وفي كتبهم الكثير من الأحاديث التي تثبت هذا. وترجع أهمية أهل البيت عند الشيعة أن فيهم الأئمة المعصومون الذين هم الحكام المختارون من الله لقيادة المسلمين بعد وفاة النبي، كما أن محبتهم واجبة والحزن لأحزانهم واجب، ولعن أعدائهم كذلك، لهذا يرفض الإثنا عشرية دخول أي شخص آخر في أهل البيت·
تعتمد نقابات الأشراف ضمن قوانينها، على أن يثبت المنتسب إليها شرفه عن طريق نسبه الذي يصله إلى أحد آل بيت رسول الله، بالاعتماد على وثائق وشهادات موثوقة، أهمما المشجرات العائلية. وقد قرأنا في شبكة الأنترنت عن مشروع الباحث كمال القزاح الذي يهدف إلى تجميع البصمة الوراثية للسادة الأشراف ثم بعد ذلك القيام بمقارنات، ومن ثمة استخلاص البصمة الوراثية للسادة الأشراف· لكن ذلك يبقى صعبا من الناحية العملية، فضلا عما سيثيره من إشكالات من نواحي أخرى·
أشراف الجزائر بلا نقابة
كان للأشراف في الجزائر في العهد العثماني نقابة، تقوم برعاية شؤونهم والتكفل بحل مشاكلهم، بفضل المعاملة الخاصة التي كانت تحظى بها من طرف الخليفة، وكانت تقوم بدور اجتماعي في تماسك المجتمع وإصلاح ذات البين··
أما اليوم فإن الأشراف في الجزائر لا يملكون نقابة تضمهم، باستثناء خبر على شبكة الأنترنت في أحد المنتديات، عن الجمعية الوطنية للأشراف في الجزائر التي قدمت ملف اعتمادها لوزارة الداخلية عام 2007 ، وتهدف إلى إصلاح ذات البين وأهداف اجتماعية أخرى، وقد حدد مقرها ببلدية سيدي بوزيد بولاية الأغواط، ولا نعلم إن كانت هذه الجمعية معتمدة بالفعل أم لا··
على العكس من كثير من الدول العربية والإسلامية التي توجد بها نقابات للأشراف، مثل مصر التي توجد بها نقابة ''السادة الأشراف'' تعتمد على تنظيم محكم، ولها فروع في معظم محافظات الجمهورية. وفي المغرب نجد أيضا هذه النقابات، ومنها ''ديوان الأشراف الأدارسة'' وغيرها من التسميات··
والمتصفح لشبكة الأنترنت يجد الكثير من المنتديات التي تفسح المجال لمناقشة الموضوع، وعلى الفايس بوك نجد الكثير من المجموعات تضم المنتسبين إلى هذه الفئة، مثل مجموعة ''الأشراف'' أو مجموعة ''السادة الأشراف''··
مواطنون ولكن شرفاء
كانت الرسومات المسيئة، سببا في زيادة تعلق المسلمين بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وراحت جميع الفئات يعبرون عن حبهم له قولا وعملا ، وبشتى الطرق الممكنة. وقد كان من ضمنها التعلق بكل ما يتصل به مثل آل بيته والمنتسبين إليه، وهو ما خلق حركية في هذا الإطار شهدها كل العالم كما شهدتها الجزائر··
لكن فكرة الانتساب إلى الأشراف كانت قبل ذلك قد ارتبطت أكثر بالعاطفة الدينية والمعتقد الشعبي البسيط، ولم تتجسد في دراسات تناولتها من الناحية التاريخية أو الاجتماعية· و لذلك فقد ظل الحديث عنها محتشما وهامشيا، ولم يحدث أن أثير نقاش علني جدي على الصعيد الإعلامي لمناقشة القضية بعقلانية وجدية بعيدا عن أي تعصب أو غلو··
ولعل من الأسباب التي ساعدت على عدم الاهتمام بالأشراف خلال فترة السبعينيات، الأفكار الاشتراكية التي سادت فيها وما اتصل بها من مد شيوعي وأفكار علمانية·
والواضح أيضا أن النسب الشريف ارتبط بالزوايا والطرق الصوفية والأوساط المرتبطة بها، والتي كان لها تأثير كبير في انتشار فكرة الشرف· ورغم إعادة الاعتبار للزوايا فإن الحديث عن أشراف الجزائر مازال غائبا، وقد يرجع السبب إلى أن فكرة الشرف لم يعد لها فائدة في ظل تطور المجتمع الذي يقوم على المواطنة ويتساوى فيه الجميع في الحقوق والواجبات، كما أن الوعي الديني أدى إلى أن يصبح شرف النسب دون قيمة، ولا يغني شيئا أمام شرف العمل·
عن جريدة الفجر الجزائرية 09 05 2009