بسم الرحمان الرحيم
مودة اهل البيت و من هم آل البيت
الحمدُ لله ربِّ العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد المصطفى الاَمين وآله الهداة الميامين .
وبعد : إنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عترة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يعدّ ضرورة من ضرورات الدين الاِسلامي الثابتة بالقطع كتاباً وسُنّة ، قال تعالى : ( قُل لا أسألُكُم عَلَيهِ أجراً إلاّ المودَّةَ في القُربَى ) .
وتواتر عن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « أحبوا الله لما يغذوكم من نعمته ، وأحبوني بحبّ الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي» .
وتواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم : « أنّ حبهم علامة الاِيمان ، وأن بغضهم علامة النفاق » و « أنّ من أحبهم أحب الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله » وعشرات الاَحاديث التي تحث على حبهم وتنهى عن بغضهم .
ومما لا ريب فيه أنّه تعالى لم يفرض حبهم ومودتهم إلى جانب وجوب التمسك بهم إلاّ لاَنهم أهل للحب والولاء من حيث قربهم إليه سبحانه ومنزلتهم عنده وطهارتهم من الشرك والمعاصي ومن كل ما يبعد عن دار كرامته وساحة رضاه .
لذا فإنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عقيدة مستمدة من كتاب الله تعالى وسُنّة نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس هو مجرد هوىً عابر أو عاطفة مجرّدة ، إنّه مبدأ يتعلق بحبّ القادة الرساليين الذين جعلهم الله تعالى هداة للبشر
________________________________________
( 8 )
بعد نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وحباهم أفضل صفات الكمال من شجاعة وعفّة وصدق وعلم وحكمة وخلق ، وجعلهم أبوابه والسبل إليه والاَدلاّء عليه وعيبة علمه وخزّان معرفته وتراجمة وحيه وأركان توحيده .
إنّه مبدأ يتعلق بحبّ أحد الثقلين اللذين أوجب الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على أُمّته التمسك بهما حتى يردا عليه الحوض ، وجعلهم أماناً لاَهل الاَرض كما أن النجوم أمان لاَهل السماء ، وكسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى .
وفي هذا البحث حاولنا إلقاء الضوء على بعض الجوانب المهمة التي تخصّ مودة أهل البيت عليهم السلام باعتبارها فرضاً علينا وواجباً في أعناقنا ، وذلك من خلال خمسة فصول :
الفصل الاَول : من هم أهل البيت ؟
الفصل الثاني : حبهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة والاَدب .
الفصل الثالث : بعض فضائلهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة .
الفصل الرابع : معطيات حبهم عليهم السلام .
الفصل الخامس : أهل البيت عليهم السلام بين الغلو والبغض .
نرجو من الله تعالى أن ينفع به الاخوة المؤمنين وأن يجعله خيراً لنا في الدنيا وذخراً في الآخرة .
والله ولي التوفيق
________________________________________
( 9 )
الفصل الاَول
من هم أهــل البيـــــت ؟
المبحث الاَول
أهل البيت في اللغة والاصطلاح
أولاً : أهل البيت في اللغة والعرف :
يحددّ المفهوم اللغوي لكلمة أهل بما يضاف إليها ، فأهل القرى : سكانها ، وأهل الشيء : صاحبه ، وأهل الكتاب : أتباعه أو قرّاؤه ، وكذلك أهل التوراة وأهل الانجيل ، وقد ورد بعض هذه الاَلفاظ في القرآن الكريم(1).
وأهل الرجل : عشيرته وذوو قرباه (2)، وأخصّ الناس به (3)، ومن
____________
1) راجع الاَنباء بما في كلمات القرآن من أضواء | محمد جعفر الكرباسي : 241 ـ 242 ، منشورات الوفاق ـ النجف الاَشرف .
2) القاموس المحيط | مجدالدين الفيروزآبادي 1 : 331 ـ مادة أهل ـ ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
3) لسان العرب | ابن منظور 11 : 28 ـ 29 ـ مادة أهل ـ ، أدب الحوزة ـ قم .
________________________________________
( 10 )
يجمعه وإياهم نسب أو دين (1).
قال تعالى ( وأمُر أهلَكَ بِالصَّلاةِ ) (2)أي ذوي قرباك ومن يرتبط بك في النسب .
وقال تعالى ( يا نُوحُ إنَّهُ ليسَ مِن أهلِكَ ) (3)مشيراً إلى ابنه ، وهو من أهله من حيث النسب ، لكنه تعالى أراد أنه ليس من أهل دينك وملتك والسائرين على منهجك .
وأهل بيت الرجل : ذوو قرباه ومن يجمعه وإياهم نسب (4)، وأطلقت في الكتاب الكريم على أولاد إبراهيم عليه السلام وأولاد أولاده ، قال تعالى : (رحمةُ اللهِ وبرَكاتُهُ عَليكُم أهلَ البيتِ إنَّهُ حَميدٌ مجيدٌ ) (5).
وصار «أهل البيت» متعارفاً بين المسلمين في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم (6)، تبعاً للنصوص ، وهم كما في حديث الكساء وغيره : محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاِمام علي والزهراء والحسن والحسين عليهم السلام ، والذين نزلت فيهم آية التطهير ( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيراً)(7)..
____________
1) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ ، المكتبة المرتضوية .
2) سورة طه : 20 | 132 .
3) سورة هود : 11 | 46 .
4) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ .
5) سورة هود : 11 | 73 .
6) مفردات الراغب : 64 ـ بيت ـ .
7) سورة الاحزاب : 33 | 33 ، راجع : صحيح مسلم ـ كتاب فضائل الصحابة 4 : 1883 | 2424 .
=
________________________________________
(
مودة اهل البيت و من هم آل البيت
الحمدُ لله ربِّ العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على محمد المصطفى الاَمين وآله الهداة الميامين .
وبعد : إنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عترة النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يعدّ ضرورة من ضرورات الدين الاِسلامي الثابتة بالقطع كتاباً وسُنّة ، قال تعالى : ( قُل لا أسألُكُم عَلَيهِ أجراً إلاّ المودَّةَ في القُربَى ) .
وتواتر عن النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : « أحبوا الله لما يغذوكم من نعمته ، وأحبوني بحبّ الله ، وأحبوا أهل بيتي بحبي» .
وتواتر عنه صلى الله عليه وآله وسلم : « أنّ حبهم علامة الاِيمان ، وأن بغضهم علامة النفاق » و « أنّ من أحبهم أحب الله ورسوله ، ومن أبغضهم أبغض الله ورسوله » وعشرات الاَحاديث التي تحث على حبهم وتنهى عن بغضهم .
ومما لا ريب فيه أنّه تعالى لم يفرض حبهم ومودتهم إلى جانب وجوب التمسك بهم إلاّ لاَنهم أهل للحب والولاء من حيث قربهم إليه سبحانه ومنزلتهم عنده وطهارتهم من الشرك والمعاصي ومن كل ما يبعد عن دار كرامته وساحة رضاه .
لذا فإنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام عقيدة مستمدة من كتاب الله تعالى وسُنّة نبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس هو مجرد هوىً عابر أو عاطفة مجرّدة ، إنّه مبدأ يتعلق بحبّ القادة الرساليين الذين جعلهم الله تعالى هداة للبشر
________________________________________
( 8 )
بعد نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وحباهم أفضل صفات الكمال من شجاعة وعفّة وصدق وعلم وحكمة وخلق ، وجعلهم أبوابه والسبل إليه والاَدلاّء عليه وعيبة علمه وخزّان معرفته وتراجمة وحيه وأركان توحيده .
إنّه مبدأ يتعلق بحبّ أحد الثقلين اللذين أوجب الرسول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم على أُمّته التمسك بهما حتى يردا عليه الحوض ، وجعلهم أماناً لاَهل الاَرض كما أن النجوم أمان لاَهل السماء ، وكسفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق وهوى .
وفي هذا البحث حاولنا إلقاء الضوء على بعض الجوانب المهمة التي تخصّ مودة أهل البيت عليهم السلام باعتبارها فرضاً علينا وواجباً في أعناقنا ، وذلك من خلال خمسة فصول :
الفصل الاَول : من هم أهل البيت ؟
الفصل الثاني : حبهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة والاَدب .
الفصل الثالث : بعض فضائلهم عليهم السلام في الكتاب والسُنّة .
الفصل الرابع : معطيات حبهم عليهم السلام .
الفصل الخامس : أهل البيت عليهم السلام بين الغلو والبغض .
نرجو من الله تعالى أن ينفع به الاخوة المؤمنين وأن يجعله خيراً لنا في الدنيا وذخراً في الآخرة .
والله ولي التوفيق
________________________________________
( 9 )
الفصل الاَول
من هم أهــل البيـــــت ؟
المبحث الاَول
أهل البيت في اللغة والاصطلاح
أولاً : أهل البيت في اللغة والعرف :
يحددّ المفهوم اللغوي لكلمة أهل بما يضاف إليها ، فأهل القرى : سكانها ، وأهل الشيء : صاحبه ، وأهل الكتاب : أتباعه أو قرّاؤه ، وكذلك أهل التوراة وأهل الانجيل ، وقد ورد بعض هذه الاَلفاظ في القرآن الكريم(1).
وأهل الرجل : عشيرته وذوو قرباه (2)، وأخصّ الناس به (3)، ومن
____________
1) راجع الاَنباء بما في كلمات القرآن من أضواء | محمد جعفر الكرباسي : 241 ـ 242 ، منشورات الوفاق ـ النجف الاَشرف .
2) القاموس المحيط | مجدالدين الفيروزآبادي 1 : 331 ـ مادة أهل ـ ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت.
3) لسان العرب | ابن منظور 11 : 28 ـ 29 ـ مادة أهل ـ ، أدب الحوزة ـ قم .
________________________________________
( 10 )
يجمعه وإياهم نسب أو دين (1).
قال تعالى ( وأمُر أهلَكَ بِالصَّلاةِ ) (2)أي ذوي قرباك ومن يرتبط بك في النسب .
وقال تعالى ( يا نُوحُ إنَّهُ ليسَ مِن أهلِكَ ) (3)مشيراً إلى ابنه ، وهو من أهله من حيث النسب ، لكنه تعالى أراد أنه ليس من أهل دينك وملتك والسائرين على منهجك .
وأهل بيت الرجل : ذوو قرباه ومن يجمعه وإياهم نسب (4)، وأطلقت في الكتاب الكريم على أولاد إبراهيم عليه السلام وأولاد أولاده ، قال تعالى : (رحمةُ اللهِ وبرَكاتُهُ عَليكُم أهلَ البيتِ إنَّهُ حَميدٌ مجيدٌ ) (5).
وصار «أهل البيت» متعارفاً بين المسلمين في آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم (6)، تبعاً للنصوص ، وهم كما في حديث الكساء وغيره : محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والاِمام علي والزهراء والحسن والحسين عليهم السلام ، والذين نزلت فيهم آية التطهير ( إنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركُم تَطهيراً)(7)..
____________
1) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ ، المكتبة المرتضوية .
2) سورة طه : 20 | 132 .
3) سورة هود : 11 | 46 .
4) مفردات الراغب : 29 ـ أهل ـ .
5) سورة هود : 11 | 73 .
6) مفردات الراغب : 64 ـ بيت ـ .
7) سورة الاحزاب : 33 | 33 ، راجع : صحيح مسلم ـ كتاب فضائل الصحابة 4 : 1883 | 2424 .
=
________________________________________
(