موضوع: رد: كتاب(تحفة الطّالب بمعرفة من ينتسب إلي عبد الله وابي طالب ) 13/3/2008, 1:49 am
--------------------------------------------------------------------------------
بسـم الله الرحمن الرحـيم
الحمد لله ربّ العالمين ، الذي شرّف بمحمّـد صلّى الله عليه [ وآلـه ] وسلّم الآباء والأبناء في المبادئ والعواقب ، وجعل نسله المطهّر الأسنى من فاطمة البتول وعليّ بن أبي طالب ، وجمعهما في ذروة المجد وغرّة المكارم ، إلى عبـد المطّلب بن هاشم ، وهير السيادة (1) لسلالة سـيّد البشر ، مَن أذهب الله عنهم الرجس وطهّر ، فمحبّتهم من العذاب جُنّة ، ومودّتهم طريق موصلة إلى الجَنّة ، صلّى الله وسلم عليه وعليهم ، وحشرنا في زمرتهم ومع محبّيهم ، آمين.
أمّا بعـد :
فهذه تحفة الطالب بمعرفة من ينتسب إلى عبـدالله وأبي طالب ، أذكر فيها فروعَهم وفروعَ فروعهم ، وأُميّز غالباً مَن اشتهر مِن نسل مَن ذُكر ، وصفاتهم ، ومحلّ ولادتهم ، ومدّة أعمارهم ، ووفاتهم وشهادتهم.
فأقـول ـ وبالله التوفيق ، وأسأله الهداية إلى أقوم طريق ـ :
____________
(1) كذا في النسخة ، ولعلّ الصواب : وهي السيادة.
--------------------------------------------------------------------------------
عبـدالله وأبو طالب ابنا عبـد المطّلب ، واسمه : شيبة ، ويُدْعى : شيبة الحمد ، وقيل : اسمه عامر ، له عدّة أولاد ، أسلم منهم حمزة والعبّـاس وصفيّة (1).
وكان عبـدالله ـ أبو النبيّ صـلّى الله عليـه [ وآله ] وسـلّم ـ وأبو طالب ـ وهو أبو عليّ رضي الله عنه ـ من أُمّ واحدة ، وهي فاطمة بنت عمرو [ بن عائذ ] ، ويجتمع نسبهم في مرّة بن كعب.
فأولد عبـدالله النبيّ صلّى الله عليـه [ وآله ] وسلّم بمكّة يوم الاثنين (2) في شهر ربيع الأوّل من عام الفيل (3) ، وقيل : ثانيه (4) ، وقيل : ثالثه (5) ، وقيل : ثاني عشر (6) ، وعليه الأكثر ، وقيل غير ذلك (7).
____________
(1) وأبو طالب قد أسلم أيضاً بدلالة : اتّفاق أهل البيت عليهم السلام على ذلك وهم أدرى بما فيه ، هذا أوّلاً.
وثانياً : دلالة الكثير من النصوص الروائية والأدبية والتاريخية على ذلك ؛ فلاحظ مثلاً ديوان أبي طالب من جمع أبي هفّان المهزمي ، من أعلام القرن الثالث الهجري ، وكتاب إيمان أبي طالب لفخار بن معد الموسوي من أعلام القرن السابع..
والمصنّف هنا لم يبتّ في هذا الموضوع ؛ لأنّه ذكر عبـدالله وأبا طالب أوّلاً فاستغنى عن ذكرهما ثانياً ، بل استطراده لذكر إسلام عبـدالله في ما بعد دليل على أنّه لم يرد من قوله : « أسلم منهم » إلاّ ما عداهما.
(2) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 198 و199.
(3) السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ 1 | 167 ، السيرة النبويّة ـ للذهبي ـ : 7.
(4) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 199؛ والواو في قوله : « وقيل » ينبغي أن تكون زائدة.
(5) وهذا القول لم نعثر عليه. ولعلّه تصحيف عن : ثامنه ؛ وبهذا القول روايات ، منها : بحار الأنوار 15 | 250 ح 1 ، الفصول في سيرة الرسول ـ لابن كثير ـ : 91 ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 199.
(6) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 199.
(7) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 200 و203 ، السيرة النبويّة ـ للذهبي ـ : 5 ـ 6 ،
=
--------------------------------------------------------------------------------
اسمه الشريف صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : محمّـد ، وأحمـد ، والحاشر ، والماحي ، وغير ذلك (1).
كنيته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أبو القاسم [ 4 | ب ].
صفته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : كان ربع القامة ، بعيد ما بين المنكبين ، أبيض اللون مشرباً بحمرة ، يبلغ شعره شحمة أُذنيه ، ولم يبلغ الشيب في رأسه ولحيته عشرين شعرة ، ظاهر الوضاءة ، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر ، حسن الخلق معتدله ، إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلّم سما وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق ، واسع الجبين ، أزجّ الحواجب في غير قرن ، أقنى العرنين ، سهل الخدّين ، ضليع الفم ، أشنب ، مفلّج الأسنان ، بين كتفيه خاتم النبوّة.
يقول واصفه : لم أر قبله ولا بعده مثله ، و [ له ] غير ذلك من الصفات الحميدة والخصال المجيدة صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم.
عمره صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : ثلاثاً وسـتّين سنة.
مات أبوه وهو حمل ، وقيل : له شهران ، وقيل : سبع ، وقيل : ثمانية عشر شهراً ، وماتت أُمّه ـ وهي آمنة بنت وهب بن عبـد مناف ـ وهو ابن سنتين ، وقيل : سـتّ سنوات.
فـائـدة :
ذكر بعض العلماء : إنّ الله تعالى أحيا أبوَي النبيّ صلّى الله عليه
____________
=
سيرة المصطفى : 42.
(1) الثالث والرابع هما من ألقابه صلى الله عليه وآله وسلم.
--------------------------------------------------------------------------------
[ وآله ] وسلّم ، وآمنا به. ( وكان الله على كلّ شيءٍ مقتدراً ) (1).
وكفله جدّه عبـد المطّلب ، فلمّا بلغ ثماني سنين وشهرين وعشرة أيّام مات جدّه عبـد المطّلب ، فوليه عمّه أبو طالب.
ولمّا بلغ اثنتي عشرة سنة وشهرين وعشرة أيّام خرج به عمّه إلى الشام (2) ، وخرج صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ثانياً إلى الشام مع ميسرة ، والقصّة مشهورة (3).
وتزوّج صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وعمره خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيّام ، و [ قيل ] غير ذلك.
____________
(1) سورة الكهف 18 : 45.
نعـم ، إنّ الله على كلّ شيء قدير ، لكن لا دليل هناك لِما ذكره المصنّف ، ولا لزوم له ، بل ولا فائدة فيه ، وحسب ما جاء من طريق أهل البيت عليهم السلام وغيرهم فأبواه كانا مؤمنَين.
وخبر الإحياء المذكور رواه الصدوق في علل الشرائع : 70 ، ومعاني الأخبار : 55 بسند ضعيف ، وروى نحوه القمّي في تفسيره 1 | 355 في تفسير سورة الحجر ، والسهيلي في الروض الآنف 2 | 187 و188 ، وابن سـيّد الناس في عيون الأثر 1 | 228.
وإضافة إلى ضعف سنده ، فهو مناقض لما جاء عن أهل البيت عليهم السلام ؛ لأنّه يفترض كفرهما أوّلاً ، وعلى أي فلنهج أهل البيت شواهد قرآنية وغيرها لا يسع المجال هنا لذكرها.
هذا ، وقد صنّف السيوطي في تأييد الخبر رسالة سمّاها : نشر العلمين المنيفين في إحياء الأبوين الشريفين.
(2) عيون الأثر ـ لابن سيّد الناس ـ 1 | 105 ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 243 ، تاريخ الإسلام ـ للذهبي ـ 1 | 55 ، السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ 1 | 191 ، السيرة النبويّة ـ لابن زيني دحلان ـ 1 | 80.
(3) عيون الأثر ـ لابن سيّد الناس ـ 1 | 115 ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 262 ، تاريـخ الإسـلام ـ للذهبي ـ 1 | 63 (حديـث تزويـج خديـجة عليها السلام ) ، السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ 1 | 199 ، السيرة النبويّة ـ لابن زيني دحلان ـ 1 | 90.
--------------------------------------------------------------------------------
ولمّا [ 5 |أ] بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خمساً وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة المشرّفة ، ووضع الحجر الأسود بيده الكريمة صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم.
ولمّا بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أربعين سنة ابتعثه الله تعالى بشيراً ونذيراً ، وأتاه جبريل عليه السلام بغار حراء ، وقال له : اقرأ. والحديث مشهور.
وكان مبتدأ النبوّة ـ في ما ذُكر ـ يوم الاثنين حين اشتدّ الضحى في ثامن شهر ربيع الأوّل (1).
ولمّا بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر أُسري به من بين زمزم والمقام إلى البيت المقدّس ، ثمّ أُتي بالبراق فركبه وعرج إلى السماء وفرضت الصلاة.
ولمّا بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ثلاثاً وخمسين سنة هاجر من مكّة إلى المدينة في يوم الاثنين وأقام بها عشر سنوات.
ومرض صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أربعة عشر يوماً ، وتوفّي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يوم الاثنين حين اشتدّ الضحى لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل ، وقيل غير ذلك ، ودفن صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ليلة الأربعاء في بيته محلّ وفاته بالمدينة الشريفة المنوّرة.
أولاده صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : القاسم ، وبه كان يكنّى ، ويسمّى الطيّب والطاهر ، وقيل : الطيّب غير الطاهر.
____________
(1) اختلفت الروايات في تعيين ذلك اليوم ، فراجع كتب السيرة ؛ والمعروف عندنا أنّه يوم السابع والعشرون من شهر رجب ؛ وقيل : في شهر رمضان.
--------------------------------------------------------------------------------
وزينب ورقيّة وأُمّ كلثوم وفاطمة الزهراء رضي الله عنها.
مات البنون قبل الإسلام أطفالاً ، والبنات أدركن الإسلام وأسلمن ، والجميع من خديجة رضي الله عنها.
ووُلد إبراهيم بالمدينة الشريفة من ماريّة القبطيّة ، ومات [ 5 | ب ] وهو ابن سبعين ليلة ، وقيل : سبعة أشهر ، وقيل : ثمانية عشر شهراً.
والجميع ماتوا في حياته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إلاّ فاطمة رضي الله عنها ، فتأخّـرت بعد وفاته بسـتّة أشـهر (1) ، ولم يعقّب غيرها ، فأعقبت ـ رضي الله عنها ـ أهل الذِكر الجميل الفاخر ، والثناء الجليل الزاهر ، والنسل الطيّب المتكاثر.
ووُلدت فاطمة رضي الله عنها بمكّة قبل النبوّة والبعث لخمس سنين (2) ، وقريش تبني الكعبة.
كنيتها ـ رضي الله عنها ـ : أُمّ أبيها.
تزوّجها ابن عمّها عليّ رضي الله عنه في شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة ، وبنى بها في شهر ذي الحجّة من السنة المذكورة.
عمرها ـ رضي الله عنها ـ ثمان وعشرون سنة (3).
توفّيت ـ رضي الله عنها ـ ليلة الثلاثاء [ لثلاث ] خلون من شهر
____________
(1) وقيل : بثلاثة أشهر ، وقيل : بسبعين يوماً ، وقيل : بخمسة وسبعين يوماً ، وقيل غير ذلك. فلاحظ : العوالم ـ للبحراني ـ (حياة فاطمة الزهراء عليها السلام ) 2 | 782 ـ 799 ، وقد نقل جميع الأقوال في تاريخ وفاتها عليها السلام.
(2) هذا أحد الأقوال في ولادتها ، وقيل : بعد البعثة بخمس سنين.
(3) وقيل : إنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبض ولها ثماني عشرة سنة وسـبعة أشـهر. وقيل : ثلاث وعشرون سنة.
انظر : إعلام الورى بأعلام الهدى ـ للطبرسي ـ 1 | 290.
--------------------------------------------------------------------------------
بسـم الله الرحمن الرحـيم
الحمد لله ربّ العالمين ، الذي شرّف بمحمّـد صلّى الله عليه [ وآلـه ] وسلّم الآباء والأبناء في المبادئ والعواقب ، وجعل نسله المطهّر الأسنى من فاطمة البتول وعليّ بن أبي طالب ، وجمعهما في ذروة المجد وغرّة المكارم ، إلى عبـد المطّلب بن هاشم ، وهير السيادة (1) لسلالة سـيّد البشر ، مَن أذهب الله عنهم الرجس وطهّر ، فمحبّتهم من العذاب جُنّة ، ومودّتهم طريق موصلة إلى الجَنّة ، صلّى الله وسلم عليه وعليهم ، وحشرنا في زمرتهم ومع محبّيهم ، آمين.
أمّا بعـد :
فهذه تحفة الطالب بمعرفة من ينتسب إلى عبـدالله وأبي طالب ، أذكر فيها فروعَهم وفروعَ فروعهم ، وأُميّز غالباً مَن اشتهر مِن نسل مَن ذُكر ، وصفاتهم ، ومحلّ ولادتهم ، ومدّة أعمارهم ، ووفاتهم وشهادتهم.
فأقـول ـ وبالله التوفيق ، وأسأله الهداية إلى أقوم طريق ـ :
____________
(1) كذا في النسخة ، ولعلّ الصواب : وهي السيادة.
--------------------------------------------------------------------------------
عبـدالله وأبو طالب ابنا عبـد المطّلب ، واسمه : شيبة ، ويُدْعى : شيبة الحمد ، وقيل : اسمه عامر ، له عدّة أولاد ، أسلم منهم حمزة والعبّـاس وصفيّة (1).
وكان عبـدالله ـ أبو النبيّ صـلّى الله عليـه [ وآله ] وسـلّم ـ وأبو طالب ـ وهو أبو عليّ رضي الله عنه ـ من أُمّ واحدة ، وهي فاطمة بنت عمرو [ بن عائذ ] ، ويجتمع نسبهم في مرّة بن كعب.
فأولد عبـدالله النبيّ صلّى الله عليـه [ وآله ] وسلّم بمكّة يوم الاثنين (2) في شهر ربيع الأوّل من عام الفيل (3) ، وقيل : ثانيه (4) ، وقيل : ثالثه (5) ، وقيل : ثاني عشر (6) ، وعليه الأكثر ، وقيل غير ذلك (7).
____________
(1) وأبو طالب قد أسلم أيضاً بدلالة : اتّفاق أهل البيت عليهم السلام على ذلك وهم أدرى بما فيه ، هذا أوّلاً.
وثانياً : دلالة الكثير من النصوص الروائية والأدبية والتاريخية على ذلك ؛ فلاحظ مثلاً ديوان أبي طالب من جمع أبي هفّان المهزمي ، من أعلام القرن الثالث الهجري ، وكتاب إيمان أبي طالب لفخار بن معد الموسوي من أعلام القرن السابع..
والمصنّف هنا لم يبتّ في هذا الموضوع ؛ لأنّه ذكر عبـدالله وأبا طالب أوّلاً فاستغنى عن ذكرهما ثانياً ، بل استطراده لذكر إسلام عبـدالله في ما بعد دليل على أنّه لم يرد من قوله : « أسلم منهم » إلاّ ما عداهما.
(2) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 198 و199.
(3) السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ 1 | 167 ، السيرة النبويّة ـ للذهبي ـ : 7.
(4) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 199؛ والواو في قوله : « وقيل » ينبغي أن تكون زائدة.
(5) وهذا القول لم نعثر عليه. ولعلّه تصحيف عن : ثامنه ؛ وبهذا القول روايات ، منها : بحار الأنوار 15 | 250 ح 1 ، الفصول في سيرة الرسول ـ لابن كثير ـ : 91 ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 199.
(6) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 199.
(7) السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 200 و203 ، السيرة النبويّة ـ للذهبي ـ : 5 ـ 6 ،
=
--------------------------------------------------------------------------------
اسمه الشريف صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : محمّـد ، وأحمـد ، والحاشر ، والماحي ، وغير ذلك (1).
كنيته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : أبو القاسم [ 4 | ب ].
صفته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : كان ربع القامة ، بعيد ما بين المنكبين ، أبيض اللون مشرباً بحمرة ، يبلغ شعره شحمة أُذنيه ، ولم يبلغ الشيب في رأسه ولحيته عشرين شعرة ، ظاهر الوضاءة ، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر ، حسن الخلق معتدله ، إن صمت فعليه الوقار ، وإن تكلّم سما وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق ، واسع الجبين ، أزجّ الحواجب في غير قرن ، أقنى العرنين ، سهل الخدّين ، ضليع الفم ، أشنب ، مفلّج الأسنان ، بين كتفيه خاتم النبوّة.
يقول واصفه : لم أر قبله ولا بعده مثله ، و [ له ] غير ذلك من الصفات الحميدة والخصال المجيدة صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم.
عمره صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : ثلاثاً وسـتّين سنة.
مات أبوه وهو حمل ، وقيل : له شهران ، وقيل : سبع ، وقيل : ثمانية عشر شهراً ، وماتت أُمّه ـ وهي آمنة بنت وهب بن عبـد مناف ـ وهو ابن سنتين ، وقيل : سـتّ سنوات.
فـائـدة :
ذكر بعض العلماء : إنّ الله تعالى أحيا أبوَي النبيّ صلّى الله عليه
____________
=
سيرة المصطفى : 42.
(1) الثالث والرابع هما من ألقابه صلى الله عليه وآله وسلم.
--------------------------------------------------------------------------------
[ وآله ] وسلّم ، وآمنا به. ( وكان الله على كلّ شيءٍ مقتدراً ) (1).
وكفله جدّه عبـد المطّلب ، فلمّا بلغ ثماني سنين وشهرين وعشرة أيّام مات جدّه عبـد المطّلب ، فوليه عمّه أبو طالب.
ولمّا بلغ اثنتي عشرة سنة وشهرين وعشرة أيّام خرج به عمّه إلى الشام (2) ، وخرج صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ثانياً إلى الشام مع ميسرة ، والقصّة مشهورة (3).
وتزوّج صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وعمره خمس وعشرون سنة وشهران وعشرة أيّام ، و [ قيل ] غير ذلك.
____________
(1) سورة الكهف 18 : 45.
نعـم ، إنّ الله على كلّ شيء قدير ، لكن لا دليل هناك لِما ذكره المصنّف ، ولا لزوم له ، بل ولا فائدة فيه ، وحسب ما جاء من طريق أهل البيت عليهم السلام وغيرهم فأبواه كانا مؤمنَين.
وخبر الإحياء المذكور رواه الصدوق في علل الشرائع : 70 ، ومعاني الأخبار : 55 بسند ضعيف ، وروى نحوه القمّي في تفسيره 1 | 355 في تفسير سورة الحجر ، والسهيلي في الروض الآنف 2 | 187 و188 ، وابن سـيّد الناس في عيون الأثر 1 | 228.
وإضافة إلى ضعف سنده ، فهو مناقض لما جاء عن أهل البيت عليهم السلام ؛ لأنّه يفترض كفرهما أوّلاً ، وعلى أي فلنهج أهل البيت شواهد قرآنية وغيرها لا يسع المجال هنا لذكرها.
هذا ، وقد صنّف السيوطي في تأييد الخبر رسالة سمّاها : نشر العلمين المنيفين في إحياء الأبوين الشريفين.
(2) عيون الأثر ـ لابن سيّد الناس ـ 1 | 105 ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 243 ، تاريخ الإسلام ـ للذهبي ـ 1 | 55 ، السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ 1 | 191 ، السيرة النبويّة ـ لابن زيني دحلان ـ 1 | 80.
(3) عيون الأثر ـ لابن سيّد الناس ـ 1 | 115 ، السيرة النبويّة ـ لابن كثير ـ 1 | 262 ، تاريـخ الإسـلام ـ للذهبي ـ 1 | 63 (حديـث تزويـج خديـجة عليها السلام ) ، السيرة النبويّة ـ لابن هشام ـ 1 | 199 ، السيرة النبويّة ـ لابن زيني دحلان ـ 1 | 90.
--------------------------------------------------------------------------------
ولمّا [ 5 |أ] بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خمساً وثلاثين سنة شهد بنيان الكعبة المشرّفة ، ووضع الحجر الأسود بيده الكريمة صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم.
ولمّا بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أربعين سنة ابتعثه الله تعالى بشيراً ونذيراً ، وأتاه جبريل عليه السلام بغار حراء ، وقال له : اقرأ. والحديث مشهور.
وكان مبتدأ النبوّة ـ في ما ذُكر ـ يوم الاثنين حين اشتدّ الضحى في ثامن شهر ربيع الأوّل (1).
ولمّا بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إحدى وخمسين سنة وتسعة أشهر أُسري به من بين زمزم والمقام إلى البيت المقدّس ، ثمّ أُتي بالبراق فركبه وعرج إلى السماء وفرضت الصلاة.
ولمّا بلغ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ثلاثاً وخمسين سنة هاجر من مكّة إلى المدينة في يوم الاثنين وأقام بها عشر سنوات.
ومرض صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أربعة عشر يوماً ، وتوفّي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يوم الاثنين حين اشتدّ الضحى لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأوّل ، وقيل غير ذلك ، ودفن صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ليلة الأربعاء في بيته محلّ وفاته بالمدينة الشريفة المنوّرة.
أولاده صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم : القاسم ، وبه كان يكنّى ، ويسمّى الطيّب والطاهر ، وقيل : الطيّب غير الطاهر.
____________
(1) اختلفت الروايات في تعيين ذلك اليوم ، فراجع كتب السيرة ؛ والمعروف عندنا أنّه يوم السابع والعشرون من شهر رجب ؛ وقيل : في شهر رمضان.
--------------------------------------------------------------------------------
وزينب ورقيّة وأُمّ كلثوم وفاطمة الزهراء رضي الله عنها.
مات البنون قبل الإسلام أطفالاً ، والبنات أدركن الإسلام وأسلمن ، والجميع من خديجة رضي الله عنها.
ووُلد إبراهيم بالمدينة الشريفة من ماريّة القبطيّة ، ومات [ 5 | ب ] وهو ابن سبعين ليلة ، وقيل : سبعة أشهر ، وقيل : ثمانية عشر شهراً.
والجميع ماتوا في حياته صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إلاّ فاطمة رضي الله عنها ، فتأخّـرت بعد وفاته بسـتّة أشـهر (1) ، ولم يعقّب غيرها ، فأعقبت ـ رضي الله عنها ـ أهل الذِكر الجميل الفاخر ، والثناء الجليل الزاهر ، والنسل الطيّب المتكاثر.
ووُلدت فاطمة رضي الله عنها بمكّة قبل النبوّة والبعث لخمس سنين (2) ، وقريش تبني الكعبة.
كنيتها ـ رضي الله عنها ـ : أُمّ أبيها.
تزوّجها ابن عمّها عليّ رضي الله عنه في شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة ، وبنى بها في شهر ذي الحجّة من السنة المذكورة.
عمرها ـ رضي الله عنها ـ ثمان وعشرون سنة (3).
توفّيت ـ رضي الله عنها ـ ليلة الثلاثاء [ لثلاث ] خلون من شهر
____________
(1) وقيل : بثلاثة أشهر ، وقيل : بسبعين يوماً ، وقيل : بخمسة وسبعين يوماً ، وقيل غير ذلك. فلاحظ : العوالم ـ للبحراني ـ (حياة فاطمة الزهراء عليها السلام ) 2 | 782 ـ 799 ، وقد نقل جميع الأقوال في تاريخ وفاتها عليها السلام.
(2) هذا أحد الأقوال في ولادتها ، وقيل : بعد البعثة بخمس سنين.
(3) وقيل : إنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبض ولها ثماني عشرة سنة وسـبعة أشـهر. وقيل : ثلاث وعشرون سنة.
انظر : إعلام الورى بأعلام الهدى ـ للطبرسي ـ 1 | 290.