منتدى سيدي بوزيد بن علي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى سيدي بوزيد بن علي

منتدى حول جد الأشراف في المغرب العربي و شمال إفريقيا


    الاستقصاء لأخبار دول المغرب العربي " لآبى العباس الناصري" دولـــــــة الادارسة

    مداني البوزيدي
    مداني البوزيدي
    عضو مشارك
    عضو مشارك


    عدد الرسائل : 15
    العمر : 56
    أعلام : الاستقصاء لأخبار دول المغرب العربي " لآبى العباس الناصري" دولـــــــة الادارسة Female11
    تاريخ التسجيل : 01/10/2008

    منقول الاستقصاء لأخبار دول المغرب العربي " لآبى العباس الناصري" دولـــــــة الادارسة

    مُساهمة من طرف مداني البوزيدي الإثنين نوفمبر 10 2008, 22:08

    كان من ظلم العباسيين ، ومطاردتهم لابناء علي أمير المؤمنين أن خرج بالمدينة الحسين بن علي بن الحسن السبط ابن علي أبي طالب ، وكان مع جماعة من أهل بيته ، منهم إدريس ، ويحيى ، وسليمان بنو عبد الله بن الحسن ، فاشتد أمر الحسين في بده الامر ، وطرد من المدينة عامل الهادي العباسي حفيد المنصور ، وبايع الناس الحسين على كتاب الله وسنة نبيه ، وأقام وأصحابه بالمدينة أياما يتجهزون ، ثم خرجوا إلى مكة للحج ، فقابله هناك جيش الحاكم العباسي يوم التروية الثامن من ذي الحجة ، فقتل الحسين وجماعة من أهل بيته وأصحابه ، وجمعت رؤوسهم فكانت مائه ونيفا ، وكان بيتها رأس سليمان ابن عبد الله بن الحسن المثنى ، وكان مقتلهم بموضع يقال له فخ على ثلاثة أميال من مكة سنة 169 ه‍ ، وإلى ذلك يشير دعبل في تائيته الذائحة النائحة ، كما قال عبد الرحمن الشرقاوي :



    أفاطم قومي يا ابنة الخيرواندبي * نجوم سماوات بأرض فلاة

    [b]قبور بكـــــوفان وأخرى بطيــــــــبة * وأخـــرى بفــــخ نالها صلــوات


    [/b]


    يحيــــــى :
    أما يحيي فإنه فر من الوقعة المذكورة إلى بلاد الديلم ( 1 ) ، ودعا الناس إلى بيعته فبايعوه ، واشتد أمره ، وقويت شوكته ، فجهز له الرشيد جيشا ضخما بقيادة الفضل بن يحيى البر مكي ، فكاتبه الفضل ، وبذل له الامان ، وكل ما يختار فآثر حقن الدماء ، وأجاب الفضل بعد أن أخذ اليمين المغلظة من الرشيد بخطه ، وأشهد العلماء والاكابر ، وحضر يحيي إلى بغداد ، فأكرمه الرشيد ، وأعطاء مالا كثيرا ، ثم غدر به .
    · ( هامش ) * ( 1 ) تقع بلاد الديلم على شواطئ بحر قزوين ، وتشمل كوكان ومازندران ، وطرفا من رشت . ( * ) / صفحة 129 /
    إدريــــس :
    وأما إدريس بن عبد الله بن الحسن فإنه فر من وقعة فخ إلى مصر ، وكان على بريدها يومئذ رجل يحب آل البيت ، اسمه واضح ، فعلم بإدريس ، فأتاه إلى الموضع الذي كان مستخفيا فيه ، وعرض عليه خدماته ، ولم ير شيئا أخلص له من أن يحمله على البريد إلى المغرب ، ففعل ، ولحق إدريس بالمغرب الاقصى ( 1 ) فنزل بمدينة تدعى " وليلة " ، وكان فيها عامل للعباسيين اسمه إسحاق بن محمد ابن عبد الحميد ، فأجار إدريس وأكرمه وخلع طاعة العباسيين ، وانتهى الخبر إلى الرشيد بما فعله واضح في شأن إدريس ، فقتله وصلبه واجتمعت عليه القبائل من كل وجه ومكان ، وكان أول من بايعه قبيلة. أوربة ، وهي يومئذ من أعظم قبائل البربر بالمغرب الاقصى ، وأكثرها عددا ، ثم تلتها سائر القبائل ، فبايعوه ودخلوا في طاعته ، وعظموه وقدموه على أنفسهم ، فاستتب أمره ، وتمكن سلطانه .
    الغـــــزو :
    ولما تم له الامر اتخذ جيشا كثيفا من وجوه البربر الاشداء ، وخرج غازيا بلاد تامسنا ، وبلاد تادلا ، ففتح المعاقل والحصون ، وكان أكثر أهل هذه البلاد على دين اليهودية والنصرانية ، فأسلم جميعهم على يده . ثم رجع إلى عاصمته " وليلة " واستراح برهة ، ثم استأنف الغزو على من بقي من قبائل البربر على غير دين الاسلام ، وكانوا متحصنين في المعاقل والجبال المنيعة ، فلم يزل يجاهدهم ، ويستنزلهم من معاقلهم ، حتى دخلوا في الاسلام . وقفل راجعا إلى مقره ريثما استراح جيشه ، ثم كر غازيا على تلمسان ، فخرج إليه صاحبها مستأمنا ومبايعا ، فأمنه إدريس ، وقبل بيعته ، ودخل المدينة ، وبنى فيها مسجدا متقنا ، وأمر بعمل منبر نصبه فيه ، وكتب عليه : " بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أمر به الامام إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب ، وذلك في صفر سنة 194 " قال ابن خلدون : " واسم إدريس مخطوط في صفحة المنبر لهذا العهد " . وبلغت أخبار إدريس هارون الرشيد ببغداد ، فخاف عاقبة ذلك ، وأيقن أنه إذا لم يتدارك أمره الآن عجز عنه في المستقبل ، وغزاه في عقر داره مع ما يعلم من فضل إدريس ، ومحبة الناس لاهل البيت عموما ( 1 ) فدس إليه رجلا يعرف باسم الشماخ ، وزوده بالمال والسم ، وأوصاه أن يتظاهر بمحبتـه للعلويين ، ويتقرب إلى إدريس بشتى الطرق ، ثم يغتاله بالسم ، ورحل الشماخ إلى إدريس مظهرا الهرب إليه فيمن هرب من جور الرشيد ، فعطف عليه إدريس ورحمه وكان الشماخ ممتلئا من الادب والظرف والبلاغة ، فانس به ادريس واطمأن إليه . وشكا إدريس ذات يوم من علة في أسنانه ، فأعطاه الشماخ دواء مسموما ، ثم اختفى ، فسقطت أسنان إدريس ، ومات سنة 177 رحمة الله عليه ، وقيل سنة 175وكان فاضلا في ذاته مالكا لشهواته ، مؤثرا العدل ، مقبلا على أعمال البر ( 2 ) .


    إدريــــس الثاني :
    مات إدريس ، ولم يترك ولدا إلا حملا من جارية بربرية ، اسمها كنزة ، وكان له مولى يدعى راشدا ، وكان كاسمه عاقلا أمينا ، وشجاعا كريما ، فجمع راشد رؤساء البربر ، ووجوه الناس ، وقال لهم : إن رأيتم أن تصبروا ، حتى تضع هذه الجارية حملها ، فإن كان ذكرا أحسنا تربيته ، حتى يبلغ مبلغ الرجال ، وبايعناه تمسكا بدعوة آل البيت ، وتبركا بذرية الرسول ، وإن كان انثى نظرتم لانفسكم .
    فقالوا لله : ما لنا رأي إلا ما رأيت ، وأنت عندنا عوض عن إدريس ، حتى تلد الجارية حملها ، ويكون ما أشرت ، على أنها إن وضعت جارية كنت أحق الناس بهذا الامر ، لفضلك وعلملك ودينك . وولدت الجارية ذكرا ، فسماه راشد إدريس ، وقام بأمره أحسن قيام ، فأقرأه القرآن ، حتى حفظه ، وهو ابن ثماني سنوات ، ثم علمه الحديث والسنة والفقه والعربية ، ورواه الشعر وأمثال العرب ، وعرفه أيام الناس والملوك ، ودربه على ركوب الخيل والرمي بالسهام ، ولم يمض له من العمر 11 سنة إلا وقد اضطلع بما حمل ، وترشح للامر ، وبايعه البربر عن طاعة منهم وإخلاص . ولما استقام أمر المغرب لادريس الثاني وفدت عليه الوفود الوفود من سائر البلدان ، وتسامع به العرب ، فأقبلوا إلى حضرته من إفريقيا والاندلس ملتفين حوله ، حتى اجتمع لديه منهم 500 فارس من قيس والازد ومذحج وغيرهم ، فأكرم وفادتهم ، وأجزل صلتهم ، وأدنى منزلتهم ، وأسند إليهم الكثير من مناصب الدولة .

    * ( هامش ) * ( 1 ) المغرب الاقصى مراكش ، والمغرب الاوسط الجزائر ، أما تونس فتعد من إفريقيا . ( * ) / صفحة 130 /

    * ( هامش ) * ( 1 ) هذه الجملة وردت بالحرف في كتاب الاستقصا لاخبار دول المغرب الاقصى
    ( 2 ) الجزء الاول من كتاب " البيان المغرب في أخبار المغرب " لابن عذاري المراكشي ، والجزء
    الاول من " الاستقصا لاخبار دول المغرب الاقصى " لابي العباس الناصري ، وكتاب " مختصر تاريخ
    العرب ( 2 ) للسيد مير علي . ( * ) / صفحة 13
    مدينــــة فاس
    لما كثرت الوفود على إدريس الثاني من العرب وغيرهم ، وضاقت بهم مدينة" وليلة " بنى مدينة فاس ، وأنشأ فيها المدارس والجوامع والاسواق ، وأمر الناس بالبناء ، وقال : من بنى موضعا أو غرسه فهو له ، فبنى الناس كثيرا ، وغرسوا كثيرا ، ووفد عليه جماعة من الفرس ، فأكرمهم وأنزلهم بغيضة هناك بنوا فيها واستوطنوا . ولما فرغ من بناء المدينة ذهب في الجمعة الاولى إلى الجامع ، وصعد المنبر يخطب الناس ، ورفع يديه في آخر الخطبة ، وقال :
    " اللهم إنك تعلم أني ما أردت ببناء هذه المدينة مباهاة ولا مفاخرة ، ولأرياء ، ولا سمعة ، ولا مكابرة ، وإنما أردت أن تعبد بها ، ويتلى بها كتابك ، وتقام بها حدودك ، وشرائع دينك ، وسنة نبيك ما بقيت الدنيا . اللهم وفق سكانها للخير ، وأعنهم عليه ، واكفهم مؤونة أعدائهم ، وأدرر عليهم الارزاق ، واغمد عنهم سيف الفتنة والشقاق . إنك على كل شئ قدير " .
    فأمن الناس على دعائه ، فكثرت الخيرات بالمدينة ، وظهرت البركات ومن محاسن فاس أنها كثيرة الاشجار ، يشقها نهر نصفين ، وتتشعب منه جداول تجري في الدور والحمامات والشوارع والاسواق ، وفي أكثر بيوتها تتفجر العيون ، وتنبع الينابيع بداخلها ، واتخذت فاس عاصمة الملك ، وكان ابتداء بنائها سنة 193 .
    الغـــــــــــــــزو :
    لما فرغ إدريس من بناء مدينة فاس ، واتخذها دار ملكه اتجه إلى الغزو ، فذهب إلى بلاد المصامدة واستولى عليها ، وأبدى إدريس من البسالة والمهارة ما حير الالباب ، قال بعض من شهد معه الغزاوات ، حاربنا الخوارج الصفرية من البربر ، وكانوا ثلاثة أضعافنا ، فلما تقارب الجمعان نزل إدريس ، فتوضأ ، وصلى ركعتين ، ودعا الله ، ثم تقدم للقتال . فأعجبني ما رأيت من ثباته ، وقوة
    جأشه ، فالتفت نحوي ، وقال : مالي أراك تديم النظر إلي ؟ قال : أعجبني ما أراه من قلبك ، وطلاقة وجهك عند اللقاء . قال إدريس : ذاك ببركة جدنا رسول الله ، ووراثة من أبينا علي بن أبي طالب ومات إدريس الثاني سنة 213 وعمره نحو 36 سنة ، وترك 12 ذكرا ، وهم :. محمد ، وعبد الله ، وعيسى ، وإدريس ، وأحمد ، وجعفر ، ويحيى ، والقاسم ، وعمر ، وعلي ، وداود ، وحمزة ( 1 ) .


    :محمد بن إدريـــــس
    واعتلى كرسي الخلافة بعد إدريس الثاني ابنه محمد ، وقسم بلاد المغرب بين إخوته ، حيث أسند إلى كل واحد من الكبار إمارة من إمارات البلاد ، وأبقى الصغار في كفالته ، فنجحت سياسته هذه نجاحا باهرا ، إذ ظل جميع إخوانه موالين له إلى النهاية وتوفي محمد سنة 221 بعد أن عهد بالامر لابنه علي


    علــــي بن محمد :
    وسار علي بسيرة أبيه وجده في العدل ، وظهرت عليه دلائل الذكاء والفضل ، وحسنت في أيامه حال الرعية ، وكانوا في أمن ودعة إلى أن توفي سنة 234 ، وعهد بالامر لاخيه يحيى بن محمد .
    يحيـــى بن محمد :
    وامتد سلطان يحيى بن محمد ، وعظمت دولته ، وحسنت آثاره ، واستبحر عمران فاس ، وبنيت فيها الحمامات والفنادق ، ودخل إليها الناس من الثغور القاصية وبني في عهده مسجد القرويين المعروف اليوم بجامعة القرويين ، وهي جامعة دينية إسلامية تضم المئات من الطلاب ، كجامعة النجف في العراق ، والازهر في مصر ، وجامع الزيتونة في تونس ، وتوفي يحيى بن محمد سنة 264 ، وخلفه ابنه المسمى باسمه .
    وللادارسة في المغرب أعمال جليلة ، فبهم انتشر الاسلام هناك ، حتى بلغ أقاصي البلاد ، وأزدهرت العلوم والحضارة ، وتحضر أهل البوادي والجبال ، فلقد أنشأوا المدن الواسعة ، وبنوا المساجد ، وأقاموا الجامعات والكليات ، وعم في عهدهم العدل والامن والرخاء ، قال المستشرق " سيديو " في كتاب " تاريخ العرب العام " ص 278 طبعة 1948 :


    " ظل الادارسة قابضين على ما ملكوه من سنة 803 إلى سنة 949 م مقيمين في البلاد التي هي مدينة لهم بجليل الاعمال ، فأسسوا مدينة فاس التي أضحى مسجدها مقدسا لدى جميع الاهالي المجاورين ، ونال شهرة عظيمة في زمن قليل ، واشتملت مدينة فاس على مدارس ومكتبات تساوقت هي والحركة العلمية التي حمل لواء‌ها بنو العباس في المشرق ، وغدت مستودعا تجاريا واسعا بين عرب إسبانيا وعرب إفريقيا " . / صفحة 135


    · ( هامش ) * ( 1 ) كتاب " الاستقصا لاخبار دول المغرب العربي "

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء نوفمبر 26 2024, 23:45